نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
كلية الآداب ، جامعة الاسكندرية
المستخلص
لقد كانَ القرآنُ ولا يزالُ محطَّ أنظارِ العلماءِ والباحثينَ عبرَ الزمانِ والمكانِ، ولقدْ وكَّلَ اللهُ بآياته قومًا ليسوا بِهَا بكافرين، فجعلوا القرآنَ شُغلَهم الشاغل قراءةً وحفظًا وتفسيرًا وتأويلًا، وعملًا يعقُبُ ذلك بعلمٍ ومعرفةٍ وبصيرةٍ ورشادٍ...ومن طرقِ الحفظِ وآلياتِه تقريبُ البعيدِ إِلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ بضوابطَ حاكمةٍ عن طريقِ القواعدِ النحويّةِ والبلاغيّةِ والمعجميّةِ والدّلاليّةِ...، ولعلَّ هذه الدراسةَ تكونُ شيئًا نافعًا في حقلِ الدراساتِ الْبَلَاغِيَّةِ عَامَةً وَالْقُرْآنِيَّةِ خَاصَةً؛ إذْ تُحاولُ أنْ تُقّرِّب فواصل َقرآنيّةً بتراكيبَ مختلفةٍ وَفْقَ الإسنادِ الخبرِيّ والإنشائيّ، -سواء أكان ابتدائيًّا أم كان طلبيًّا أم كان إنكاريًّا- تنفعُ الحافظَ الذي يسعى إلى الإحرازِ والاستحضارِ، كما تنفعُ البيانيَّ الذي يرغبُ في الاستنباطِ والتحليلِ.
وتستعينُ تلك الدراسةُ بالمنهجِ السياقيِّ في سَبْرِ غَوْرِ الكلماتِ بَعْدَ مُعَايَنَةِ الدِّلالاتِ الظاهرةِ؛ ذلك لاستخلاصِ حكمٍ كُلِّيٍّ قَدْ يَكُوْنُ ضابطًا في تحديدِ الفاصلةِ ونوعيتِها.
وتنطلقُ فكرةُ البحثِ من إشكاليّةٍ ذاتِ محورينِ: أمَّا المحورُ الأولُ فيتعلقُ بالآيةِ وتشكيلِ الفاصلةِ أو بالفاصلةِ وتشكيلِ الآيةِ وَفْقَ حكمةِ اللهِ السَّرْمَدِيَّةِ، وذلك في صفةِ القدرةِ الإلهيّةِ التي تُغَايرُ وتُمَايِزُ القدرةَ البشريّةَ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بتلك الآيةِ- مَحَلَّ النَّظَرِ وَالتَّحْلِيْلِ- حالَ كَوْنِهَا مجردةً ومنعزلةً عنْ سباقِها ولحاقِها، مَعَ محاولةِ استقراءِ ما إِنْ كَانَ للسباقِ واللحاقِ دورٌ في ذلك التشكيلِ والبناءِ من حيثُ اللفظِ والمعنى، فَضْلًا عن تشكيلِ جذرِ القدرةِ في الفاصلةِ بوصفه قديرًا أو قادرًا
أو مقتدرًا وَفْقَ طبيعةِ السياقِ والنَّسقِ في سوابقه ولواحقه.
وأمَّا الْمِحْوَرُ الثَّاني فيتعلقُ بالمفاتيحِ التي تحكمُ الفاصلةَ وَفْقَ طبيعةِ النظرةِ البشريّةِ المتمرسةِ على صحةِ اللغةِ وانضباطِ العقلِ وصفاءِ الرُّوْحِ وشرفِ المقصدِ واستقامةِ الِمْنَهاجِ، وَمَا قَدْ يُشَابِهُ تلكَ السياقاتِ فِي مواضعَ أُخَرَ مِنْ سُوَرٍ قرآنيّةٍ مختلفةٍ- مُشْتَبِهَةٍ وَلَيْسَتْ بِمُتَشَابِهَةٍ- وَمَعَ ذلكَ اخْتَلَفَتْ فِي مَقَاطِعِهَا أَوْ فَوَاصِلِهَا عَلَى الرَّغْمِ مِنْ اتِّحَادِ مَطَالِعِهَا وَفَوَاتِحِهَا...
وتصلُ تلك الدراسةُ إلى عدةٍ من النتائجِ منها- مثالًا لا حصرًا-: أن القدرةَ نقيض العجز وهي ترتبطُ بطلاقة استطاعةِ الإيجادِ والإعدامِ والنَّفْعِ والضُّرِّ وَفْقَ مَا تَقْتَضِي الْحِكْمَةِ مَعَ إِصَابَةِ الْمِقْدَارِ، وَلَا تَنَازُعَ فِيْهَا عِنْدَ اللهِ بَيْنَ قُدْرَتَيْنِ، وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ السبعِ المَعْنَوِيَّةِ وَقَد أَشَارَ الشاطبيُّ إليها في الرائيّةِ بقولهِ:
حَيٌّ عَلِيْمٌ قَدِيْرٌ وَالْكَلَاْمُ لَهُ
***
فَرْدٌ سَمِيْعٌ بَصِيْرٌ مَا أَرَادَ جَرَىْ
والقدرةُ حاضرةٌ في آياتِ القرآنِ وفواصلهِ، كما أن هناك قدرةً مرتبطةً بالبشرِ كما في سورةِ القلمِ وتكونُ على صيغةِ قادرٍ، بخلافِ القديرِ والمقتدرِ التي تكونُ للهِ، والتي يزيدُ فيها المبنى بزيادةِ المعنى، كما في الأمثالِ وطلاقةِ القدرةِ وَفْقَ سياقِ سورةِ الكهفِ، أو في جزاءِ النهايةِ عند المليكِ المقتدرِ وَفْقَ سياقِ سورةِ القمر، وأن القدرةَ والعلمَ مع الرغبةِ من أسرارِ المُلْكِ والكَمَالِ كَمَا أَشَارَ الرَّازِيُّ إلى ذلكَ، فضلًا عن أنَّ التبادلَ في المصاحبةِ اللغويّةِ بين العلمِ والقدرةِ كان َوَفْقَ طبيعةِ السياقِ تقديمًا وتأخيرًا كما في سورَتَي: الشورى والطلاق، وقد تجتمعُ فاصلتان في فاصلة كما في سورة الممتحنة، كما أن سياقاتِ القدرةِ محددةٌ بالخَلْقِ والعلمِ والعذابِ والطلاقةِ وضربِ المَثَلِ وجزاءِ النهايةِ ونَسْخِ الْأَحْكَامِ...كما تتعلق خاتمة القدرة بتراكيب قريبة منها في المعنى، منها: تركيب﴿...وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ٢٥٣﴾ [البقرة: 253]، وكذلك تركيب﴿...وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا٣٠﴾ [النساء: 30]، فضلا عن التوجيه التفسيريّ المتعلق بالقدرة كقوله- تعالى-﴿... إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ٨٧﴾ [يوسف: 87]؛ ذلك لطعنهم في القدرة؛ إذ لا يكون اليأس إلا بعد سوء الظن في القدرة الذاتيّة أو الغيريّة..
The Qur'an has maintained a significant focus among scholars and researchers across different times and regions. Those who believe in its verses have undertaken the responsibility of comprehensively engaging with the Qur'an, including reading, memorising, interpreting, and explaining its teachings. This dedication is then translated into action, guided by knowledge and insight.
One method of memorisation involves bringing distant concepts closer to the mind by applying grammatical, rhetorical, lexical, and semantic rules. This study will prove valuable for rhetorical studies in general and Qur’anic studies specifically. It seeks to establish a connection between Qur’anic verse endings and various structural forms. This will be beneficial for individuals seeking to memorise and recall information, as well as for rhetoricians aiming to deduce and analyse.
This research employs a contextual approach to delve into the nuanced meanings of words, primarily to establish criteria for determining Qur’anic verse endings. The study addresses a dual-sided issue: the interplay between the verse and Fasilah formation and the portrayal of divine ability vis-à-vis human ability. It also delves into the connection between the verse’s contextual setting, its antecedents, and successors in shaping its structure and significance, as well as the Fasilah’s role in conveying varying degrees of ability based on the contextual framework and the system of antecedents and successors.
The second part addresses the principles governing the use of Fasilah within the context of human perspective, as manifested through linguistic accuracy, mental acuity, spiritual integrity, noble purpose, and methodological rigour. While these diverse contexts share common origins and introductions, variations may arise in their respective Fasilah across different Quranic Surahs.
This examination offers profound insights, including the concept of “Qudrah” as the antithesis of inability, intricately linked to proficiency in creating and ceasing, benefiting and causing harm, in accordance with wisdom. Importantly, there can be no contention regarding these matters with Allah, as it is considered one of the Seven Attributes of the Essence of Allah (i.e., Life, Knowledge, Will, Power, Hearing, Sight, and Speech).
Abilities are referenced within the verses of the Qur’an, with a specific emphasis on the ability linked to humans, as outlined in Surah Al-Qalam. This ability is expressed through the form of Qadir, distinct from Al-Qadeer and Al-Muqtadir, which pertains to Allah and exhibits structural escalation concomitant with augmented meaning, exemplified in proverbs and the eloquence of power contextualised within Surah Al-Kahf. Similarly, the denouement of “Qudrah” is intricately linked to concomitant structures bearing analogous meanings, including “Allah does whatever He will” and the construct “And that, for Allah, is [always] easy”. Moreover, interpretive guidance associated with “Qudrah” is conveyed through divine statements, such as “Indeed, no one despairs of relief from Allah except the disbelieving people”, denoting their doubt in “Qudrah”.
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية